*4ﻗﺼﺺ ﻗﺼﻴﺮﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺮ.
--1 ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﺭﺍﺋﻌﻮﻥ
أصيبُ ﺻﺒﻲ ﺷﺎﺏ ﺑﻤﺮﺽ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ
ﻭﺃﺩﺧﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ ﺣﻴﺚ
ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻋﻼﺟﺎ ﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎ ﻭﺇﺷﻌﺎﻋﻴﺎ.
ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻓﻘﺪ ﺟﻤﻴﻊ ﺷﻌﺮﻩ.
ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ، ﻟﻴﺲ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺮﺍﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺸﻌﺮ
ﺑﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺑﺮﺃﺱ
ﺍﺻﻠﻊ. ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻗﺮّﺭ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺑﺎﺭﻭﻛﺔ ﺃﻭ
ﻗﺒﻌﺔ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺸﻰ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻭﺃﺿﺎﺀ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ. ﻭﺭﺃﻯ ﺃﻣﺮﺍ ﻓﺎﺟﺄﻩ!
ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ
ﻳﻘﻔﺰﻭﻥ ﻭﻳﻬﺰﺟﻮﻥ ﻣﺮﺩّﺩﻳﻦ ﺑﺼﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ :ﻣﺮﺣﺒﺎ ﺑﻌﻮﺩﺗﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ!
ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺼﺪّﻕ
ﻋﻴﻨﻴﻪ. ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﺣﻠﻴﻘﻲ
ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ!
ﺃﻻ ﻳﺴﺮّﻧﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﻨﺎ
ﻭﻳﺘﻠﻤﺴﻮﻥ ﺁﻻﻣﻨﺎ ﻭﻳﺘﻌﺎﻃﻔﻮﻥ ﻣﻌﻨﺎ ﻟﺪﺭﺟﺔ
ﺃﻥ ﻳﻀﺤﻮﺍ ﺑﺄﻱ ﺷﺊ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﺃﻭ
ﺭﻣﺰﻳﺎ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺸﻌﺮﻧﺎ ﺑﺎﻻﺣﺘﻮﺍﺀ
ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻯ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ؟
ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻥ ﺗﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ
ﻣﺜﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ.
******
-2 ﻣﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺗﺤﺐ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻫﻢ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻋﻦ ﺟﻨﺪﻱ ﻋﺎﺩ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺇﻟﻰ
ﺍﺭﺽ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺷﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ
ﻓﻲ ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ.
ﻭﻗﺪ ﺍﺗﺼﻞ ﺑﻮﺍﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺳﺎﻥ ﻓﺮﺍﻧﺴﻴﺴﻜﻮ
ﻟﻴﻘﻮﻝ ﻟﻬﻤﺎ: ﺃﻧﺎ ﻋﺎﺋﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻜﻨﻲ
ﺍﻃﻠﺐ ﻣﻨﻜﻤﺎ ﺧﺪﻣﺔ. ﻟﺪﻱ ﺻﺪﻳﻖ ﻭﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ
ﺍﺻﺤﺒﻪ ﻣﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ"
"ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ.. " ﺭﺩ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺍﻥ "ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺤﺐ ﺃﻥ
ﻧﺮﺍﻩ ﻭﻧﻘﺎﺑﻠﻪ.."
ﻗﺎﻝ ﺍﻻﺑﻦ: ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ
ﺗﻌﺮﻓﺎﻩ. ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻟﺤﻘﺘﻪ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺟﺴﻴﻤﺔ
ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ، ﺇﺫ ﺧﻄﺎ ﻓﻮﻕ ﻟﻐﻢ ﺍﺭﺿﻲ
ﻭﻓﻘﺪ ﺇﺣﺪﻯ ﺫﺭﺍﻋﻴﻪ ﻭﺇﺣﺪﻯ ﺳﺎﻗﻴﻪ،
ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻤﺔ ﻣﻜﺎﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺃﻧﺎ
ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺣﻀﺮﻩ ﻣﻌﻲ ﻛﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻌﻨﺎ"
ﺭﺩ ﺍﻷﺏ: ﻳﺤﺰﻧﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﺳﻤﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﻜﻦ ﻳﺎ
ﻭﻟﺪﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﺎﻋﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ
ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ"
ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻻﺑﻦ: ﻻ ﻳﺎ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ. ﺃﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪﻩ
ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻌﻨﺎ"
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺏ: ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ! ﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺻﻌﻮﺑﺔ
ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ، ﻓﺮﺟﻞ ﺑﻤﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻹﻋﺎﻗﺔ
ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻋﺒﺌﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ
ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﺗﺤﻤّﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ
ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻨﺎ، ﻭﺍﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺗﺪﻉ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺘﺪﺑﺮ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺴﻮﻑ ﻟﻦ
ﻳﻌﺪﻡ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻴﻬﺘﻢ ﺑﺸﺄﻧﻪ"
ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﻭﻟﻢ
ﻳﺴﻤﻊ ﺍﻷﺑﻮﺍﻥ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ.
ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺗﻠﻘﻴﺎ ﺍﺗﺼﺎﻻ ﻣﻦ
ﺷﺮﻃﺔ ﺳﺎﻥ ﻓﺮﺍﻧﺴﻴﺴﻜﻮ. ﻗﻴﻞ ﻟﻬﻤﺎ: ﻟﻘﺪ
ﺗﻮﻓﻲ ﺍﺑﻨﻜﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻃﻪ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ
ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺍﻧﻪ ﺍﻗﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ.
ﻫﺮﻉ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺼﺪﻭﻣﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺳﺎﻥ
ﻓﺮﺍﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ﻭُﺃﺧﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﻛﻲ
ﻳﺘﻌﺮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺔ ﺍﺑﻨﻬﻤﺎ.
ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻌﺮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺜﺔ. ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺭﻋﺒﻬﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻧﻬﻤﺎ ﺍﻛﺘﺸﻔﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ
ﻳﻌﺮﻓﺎﻧﻪ.
ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺑﻦ ﺑﺬﺭﺍﻉ ﻭﺳﺎﻕ ﻭﺍﺣﺪﺓ!
ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺍﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﺎﻥ ﻋﻦ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻨﺎ. ﻗﺪ ﻧﺤﺐ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺃﻭﻟﺌﻚ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻤﻴﺰﻭﻥ ﺑﻤﻈﻬﺮﻫﻢ ﺍﻷﻧﻴﻖ
ﻭﻳﺸﻴﻌﻮﻥ ﺣﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﻤﺮﺡ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ
ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺔ، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻌﻠﻮﻧﻨﺎ ﻧﺤﺲ ﺑﺎﻟﺤﺰﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ
ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺭﺗﻴﺎﺡ.
ﻭﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻧﻔﻀﻞ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻣﻦ
ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻷﻧﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻨﻌﻢ ﺑﻪ
ﻧﺤﻦ.
ﺃﺣﺒّﻮﺍ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻫﻢ!
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ!
******
-3ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ
ﻋﺎﻗﺐ ﺃﺏ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻷﻧﻬﺎ
ﺃﻓﺴﺪﺕ ﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﻭﺭﻕ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻒ ﺍﻟﻤﺬﻫّﺐ.
ﻭﻗﺪ ﺛﺎﺭﺕ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺍﻷﺏ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ
ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺗﺰﻳﻴﻦ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﻭﺿﻌﻪ
ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﺣﻀﺮﺕ
ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻴﻬﺎ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ
ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ: ﻫﺬﺍ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ!
ﺃﺣﺲ ﺍﻷﺏ ﺑﺎﻟﺤﺮﺝ ﻭﻧﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺩ ﻓﻌﻠﻪ
ﺍﻟﻤﺘﺴﺮﻉ ﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻌﻞ ﻏﻀﺒﻪ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺭﻏﺎ!
ﻓﺼﺮﺥ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ: ﺃﻻ ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ ﺍﻧﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺗﻘﺪﻣﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻋﻠﺒﺔ ﻓﺎﻧﻪ
ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ؟
ﻧﻈﺮﺕ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ
ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺗﺘﺮﻗﺮﻕ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﻭﻗﺎﻟﺖ: ﺃﺑﻲ ..
ﺍﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﺎﺭﻏﺎ. ﻓﻘﺪ ﺃﻭﺩﻋﺖ ﻓﻴﻪ ﻗﺒﻼﺗﻲ
ﻟﻚ!"
ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺃﺣﺲ ﺍﻷﺏ ﺑﺎﻻﻧﺴﺤﺎﻕ.
ﻃﻮّﻕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺑﺬﺭﺍﻋﻴﻪ ﻭﺍﺣﺘﻀﻨﻬﺎ ﻭﺿﻤّﻬﺎ
ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻣﺘﻮﺳﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ!
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻇﻞ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺬﻟﻚ
ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺳﺮﻳﺮﻩ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ
ﻃﻮﺍﻝ، ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺃﺣﺲ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎﻁ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﺪ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﻓﻴﺨﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺒﻼﺕ
ﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﻭﻳﺘﺬﻛﺮ ﺣﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻭﺿﻌﺘﻪ ﻫﻨﺎﻙ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺈﻥ ﻛﻼ ﻣﻨﺎ ﻧﺤﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮ ُﺃﻋﻄﻲ ﺻﻨﺪﻭﻗﺎ ﺫﻫﺒﻴﺎ ﻣﻤﻠﻮﺀﺍ ﺑﺤﺐ
ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻁ ﻭﻗﺒﻼﺕ ﻣﻦ ﺃﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ﻭﺃﻓﺮﺍﺩ
ﻋﺎﺋﻼﺗﻨﺎ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ ﻭﻣﻌﺎﺭﻓﻨﺎ. ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻮﺳﻊ
ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻏﻠﻰ ﺃﻭ ﺍﺛﻤﻦ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺐ.
******
-4ﺍﻟﻔﺮﺍﺷــﺔ!
ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺟﺪ ﺭﺟﻞ ﻓﺮﺍﺷﺔ ﺗﻘﺒﻊ
ﻓﻲ ﺷﺮﻧﻘﺘﻬﺎ.
ﻭﺟﻠﺲ ﻳﺮﺍﻗﺐ ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﺳﺎﻋﺎﺕ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺎﻫﺪ ﻟﺘﺪﻓﻊ ﺑﺠﺴﺪﻫﺎ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺛﻘﺐ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻧﻘﺔ. ﺛﻢ ﺑﺪﺍ ﺃﻧﻬﺎ
ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺇﺣﺮﺍﺯ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺍﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ. ﻟﺬﺍ ﻗﺮّﺭ ﺍﻟﺮﺟﻞ
ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺔ. ﺍﺧﺬ ﻣﻘﺼﺎ ﻭﺷﻖ ﺑﻪ
ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻧﻘﺔ. ﺑﻌﺪﻫﺎ
ﺧﺮﺟﺖ ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. ﻟﻜﻦ ﺑﺪﺍ ﺟﺴﻤﻬﺎ
ﻣﺘﻮﺭﻣﺎ ﻭﺟﻨﺎﺣﺎﻫﺎ ﺻﻐﻴﺮﻳﻦ ﺫﺍﺑﻠﻴﻦ.
ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺮﺍﻗﺐ ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺔ ﻻﻧﻪ ﻛﺎﻥ
ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﺃﻳﺔ ﻟﺤﻈﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﺒﺮ ﺍﻟﺠﻨﺎﺣﺎﻥ
ﻭﻳﻤﺘﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺤﺎ ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ
ﺟﺴﻤﻬﺎ. ﻟﻜﻦ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ!
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﻀﺖ ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺔ ﺑﻘﻴﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ
ﺗﺰﺣﻒ ﻭﺗﺪﻭﺭ ﺑﺠﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻮﺭّﻡ ﻭﺟﻨﺎﺣﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺘﻐﻀّﻨﻴﻦ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻄﻴﺮ
ﺃﺑﺪﺍ.
ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
ﻋﻄﻔﻪ ﻭﺗﺴﺮّﻋﻪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻧﻘﺔ
ﺍﻟﻤﺤﺼﻮﺭﺓ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ
ﻣﻄﻠﻮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺔ ﺇﻇﻬﺎﺭﻫﺎ ﻛﻲ ﺗﻨﻔﺬ
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺤﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜّﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺷﺔ ﻣﻦ ﺿﺦّ
ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺟﺴﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺎﺣﻴﻬﺎ ﻛﻲ
ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺑﻤﺠﺮّﺩ ﺃﻥ ﺗﻈﻔﺮ ﺑﺤﺮّﻳﺘﻬﺎ
ﻭﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻧﻘﺔ.
ﻓﻲ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﻫﻲ
ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻭﻟﻮ
ﻛﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺑﻼ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻭﻻ ﻣﻨﻐّﺼﺎﺕ
ﺃﻭ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﻷﺻﺎﺑﻨﺎ ﺍﻟﺸﻠﻞ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﻨﺎ
ﺃﻗﻮﻳﺎﺀ.
ﻭﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺃﻥ " ﻧﻄﻴﺮ